علي شريعتي

إذا لم تكن شاهدا على عصرك، ولم تقف في ساحة الكفاح الدائر بين الحق والباطل، وإذا لم تتخذ موقفا صحيحا من ذلك الصراع الدائر في العالم، فكن ما تشاء : مصليا متعبدا في المحراب أم شاربا للخمر في الحانات... فكلا الأمرين يصبحان سواء. د.علي شريعتي

الاثنين، 26 مايو 2014

المبادرون عند الطمع

لا حديث يعلو في البلاد هذه الأيام فوق مبادرات الدعم غير المشروط لفخامة القيادة الوطنية مستخدما أبطالها كل ما هو ممكن من أجل تكثير السواد وإعلان ضروب الولاء، قبائل، أفخاذ، أسر، جهات، قرى، مدن، بشر، حيوانات، حجارة، سماء وأرض، صدقوني كلهم أعلن بعض المتحدثين في التلفزات الخاصة عن دعمهم ومؤازرتهم لترشح فخامته.

لموريتانيا تاريخ طويل مع الرئاسيات وفي كل مرة كان المواطنون ينقادون وفق فقه المرحلة، فحين تحظى الانتخابات بالجدية ويرى الناخبون بصيص أمل في التغيير تكون الانتخابات تنافسية كما هو الحال في 1992 و2007، وفي المقابل كلما أحس المواطنون بعبثية المشهد الانتخابي وبغياب التنافس الذي يجعل النتيجة محسومة سلفا نجدهم ينخرطون في مبادرات الدعم التي لا تنتهي لعل وعسى أن ينالهم حظ من وعود الحاكم التي غالبا ما تكون عرقوبية، رئاسيات 1997 و 2003 و 2014 تسير بنفس الوتيرة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه أين يختفي أصحاب هذه المبادرات حين يعيش صاحبهم أحلك ظروفه ؟
في مطلع الألفية أعلن الحزب الجمهوري أن حملة الانتساب تمخضت عن زهاء الثلاثين مليون منتسب من المواطنين الموريتانيين !
وفي 2005 دخل الوزير الأول السغير ول امبارك في مشادة كلامية مع نواب المعارضة في البرلمان وأعلن أنه سيبقى يدافع عن معاوية ول سيد احمد ول الطايع حتى آخر قطرة من دمه ...
شاءت الأقدار أن يخرج السغير بعد أسابيع في التلفزيون مباركا الانقلاب على النظام البائد –الذي يشغل الشخصية الثانية فيه- ومعلنا تأييده المطلق للأبطال الذين أنقذوا البلاد ووضع نفسه تحت تصرفهم.
طيلة الأشهر القادمة شهدت البلاد مسيرات الدعم والمؤازرة التي كان يقودها أبطال الحزب وأركان النظام الذين يلعنونه ! أحد كبار المتملقين في البلاد صرح بأنه دعم معاوية 21 سنة لأن اعل ول محمد فال كان مدير الأمن في عهده !
مع بداية بصيص الديمقراطية خفت صوت المتملقين ومارس الجميع السياسة بنوع من الجدية، ولكن حين أعاد العسكر البلاد للمربع الأول وبدأت المعارضة الجدية ترفض الدخول في اللعبة، برز المتملقون من جحورهم وطفقوا يخسفون عليهم من ورق المبادرات.
صرح رئيس حزب الاتحاد منتشيا في وقت سابق أن حزبه تنتسب له أكثر من مليون مواطن موريتاني وهو رقم يدعو للفخر حقا لأنه يعني أن كل الناخبين تقريبا استلموا بطاقات عضوية في الحزب الوليد، بيد أنه حين جرت اول انتخابات حصل الحزب على حوالي مئتي ألف صوت على اللوائح الوطنية فقط !
لكم أن تتصورا حال أصحاب هذه المبادرات لو أن قناة الموريتانية أذاعت البيان رقم واحد بعد أيام، لن يجد الرئيس المسكين مبادرة واحدة تدعو للتشبث به، بل إننا سنجدهم يتدافعون في مقدمة المباركين للمجلس الذي انحاز إلى خيار الشعب وأزاح نظام الفساد والظلم عن حكم البلاد.
أف لهم إنهم قوم يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع

الخميس، 22 مايو 2014

اﻹنتخابات اﻷحادية تطيح بالنظام في تايلاند

قبل يومين استيقظ سكان بانكوك على انتشار الجيش في الشوارع وسيطرته على المقرات الحكومية، قائد الجيش أعلن عبر التلفزيون الحكومي القوانين العرفية والرقابة المسبقة على وسائل اﻹعﻻم وحظر بث عشر قنوات تلفزية مستقلة. 
هذه اﻹجراءات أعلن قائد الجيش يومها أنها ليست إنقلابا وإنما مجرد تمهيد للحوار بين فرقاء اﻷزمة السياسية المتناحرين منذ أشهر، وهو ما جعل الصحافة تصفها بنصف انقلاب. 
يوم أمس استدعى قائد الجيش الجنرال اوشا الفرقاء السياسيين من أجل حوار سرعان ما باء بالفشل نتيجة تصلب كل طرف لمواقفه، فما كان من قائد الجيش اﻻ أن أعلن اليوم عن تجميد الدستور واستﻻم السلطة وحظر تجمهر أكثر من خمسة أشخاص في مكان عام، فالجنرال أوشا يتربع على هرم مؤسسة اشتهرت بقيامها ب 15 انقلابا كان آخرها قبل ثماني سنوات ! 
تعود جذوراﻷزمة التايلاندية الى سبعة أشهر خلت حين أعلنت الحكومة انتخابات برلمانية قاطعتها قوى المعارضة مجتمعة وإن كان أحد أحزاب المعارضة دفعه الطمع آنذاك إلى المشاركة لعله يظفر بأصوات المقاطعين. 
منذ ذلك الحين والمعارضة تعتصم في الساحات مطالبة باسقاط النظام حتى بلغ بها اﻷمر احتلال بعض الوزارات والادارات الحكومية، بعد طعن المعارضة لدى المحكمة الدستورية قررت هذه اﻷخيرة ابطال اﻻنتخابات التشريعية التي غاب عنها صوت نصف الشعب واقالة رئيسة الوزراء لشططها في استخدام السلطة. 
اﻷزمة التايلاندية أعمق من ذلك، فالمعارضة ﻻ ترضى بغير تغيير النظام الانتخابي الذي يسمح ببقاء الحكم دولة بين يدي عائلة شيناواترا عبر تحكمها في أصوات مﻻيين العمال الذين تمارس عليهم عبودية اقتصادية وعبر تحالفات بين مراكز المال الكبرى في البلد. 
طيلة اﻷزمة طالبت المعارضة الجيش بالتدخل لكن قائده الجنرال اوشا كان يرد عليهم دائما أن عهد اﻹنقلابات قد ولى، والحقيقة أن اﻷزمات السياسية واﻹنفراد بالسلطة هما أهم أسباب اﻹنقلابات العسكرية خاصة في البلدان التي ﻻ تعرف غالبا غير اﻹنقلابات كطريق وحيد للتغيير. 
فهل أنتم متعظون ؟

الخميس، 15 مايو 2014

الدولة الظالمة

من خلال متابعتي للبرنامج الرائع الذي يقدمه المتألق زايد على أثير صحراء ميديا في النهار والذي يقدم استشارات قانونية للمستمعين، أدركت حجم الظلم الذي تمارسه الدولة على المواطنين وكذلك مدى التخبط في القرارات والفساد اﻻداري.
مثلا ما تقوم به المجموعة الحضرية من بيع تحصيل الضرائب لرجال اﻻعمال كل سنة هو مخالف للقانون ﻷنه يدخل ضمت عقود اﻻحتماﻻت المحرمة شرعا وقانونا، أما سجن الشرطة للتجار الرافضين لدفع الضرائب فهو اعتداء على حرياتهم ﻷن التعزير يكون من جنس الجريمة وبالتالي فاقصى ما يمكن أن يعاقب به الممتنع عن دفع الضريبة هو اغلاق محله التجاري.
من جهة أخرى أثار بعض المتدخلين مأساة قرى واقعة بين الترارزة ولبراكنة على طول مائة كلم وهي آخر ابتكارات هذه العصابة الحاكمة للبﻻد، آﻻف المواطنين أقاموا في تلك المنطقة عقودا من الزمن قبل أن ترى الدولة النور وحتى قبل تجنيس رئيس العصابة، وشيدوا عشرات القرى الحديثة والتجمعات السكانية بما فيها من مرافق ومنازل عصرية، ذات مساء سمعوا في بيان لمجلس الوزراء أن قراهم باعتها الدولة لشركة سعودية تدعى الراجحي، دون سابق انذار او حتى الحديث مع هؤﻻء المساكين !
تكلف العصابة الحاكمة أحد الوزراء المعمرين في الحكومة ببيع ما استطاع من البﻻد من خلال صفقات مشبوهة على طريقة وانطييييير، بيعت ساحات انواكشوط العمومية وابلوكات، و اقترحت العصابة بيع مدرسة الشرطة التي شكلت على مر السنين وكرا لتعذيب المعتقلين السياسيين قبل أن يصطدموا بعقبات فنية مازالت تؤخر انتقال الشرطة الى المبنى الجديد، آخر عمليات العصابة هو تشريد هؤلاء المواطنين والقضاء على قراهم، والسؤال الذي يؤرقني هو كيف ستتعامل الدولة مع المقابر الموجودة في المنطقة وهل سينقلون رفات الموتى الى أماكن أخرى ام يجرفونها في النهر ام أنها تشملها الصفقة باعتبارها موجودة في باطن اﻷرض ؟
أكد المحامي الفاضل في رده على القضية أنه ﻻ حل للمواطنين اﻻ بالتوجه الى الغرفة اﻹدارية للمحكمة العليا والطعن قرار الدولة باعتبار الشطط في استخدام السلطة واضح وبالتالي يجب الغاء القرار، فيك الخصام وانت الخصم والحكم.
شخصيا أدعو هؤﻻء المواطنين وغيرهم من المظلومين الى حمل السلاح والدفاع عن ممتلكاتهم حتى ينتصروا او يرزقفهم الله الشهادة وأن ﻻ يستسلموا لجشع العصابة الحاكمة.