علي شريعتي

إذا لم تكن شاهدا على عصرك، ولم تقف في ساحة الكفاح الدائر بين الحق والباطل، وإذا لم تتخذ موقفا صحيحا من ذلك الصراع الدائر في العالم، فكن ما تشاء : مصليا متعبدا في المحراب أم شاربا للخمر في الحانات... فكلا الأمرين يصبحان سواء. د.علي شريعتي

السبت، 22 مارس 2014

ملاحظاتي على لقاء الشباب

في البداية أود أن أشير إلى أن لقاء السلطة الحاكمة مع المواطنين وبالأخص فئة الشباب هو أمر مهم في حد ذاته بغض النظر عن النتائج المتوخاة من هذا اللقاء، كما أن جلوس رئيس الجمهورية على مقاعد الدراسة في الجامعة لأول مرة في حياته يعد أمرا بالغ الأهمية ، وقد تمكنت كمتابع من بعيد للحدث من الخروج بعدة ملاحظات أردت أن أبديها في النقاط التالية:
1-  شارك في اللقاء 400 من الشباب أغلبهم من المستقلين او الذين كانوا يصنفون حتى عهد قريب من المعارضين للنظام الذي يصفونه بأبشع الأوصاف، وبصفة عامة يجب احترام رأي المشاركين وقناعتهم مهما كانت تخالفنا في الرأي فتلك هي أسس الديمقراطية وعلينا جميعا معارضين وموالين التحلي بها.
2-  ليست المرة الأولى التي ينظم فيها لقاء بين السلطة الحاكمة والشباب خاصة المناوئ لها، في منصف السبعينات نظم مؤتمر الشباب وشارك فيه المعارضون الذين انضموا للنظام القائم آنذاك وبالتالي تم ضخ دماء جديدة في الحزب الواحد.
3-   اختيار يوم 21 مارس للقاء ليس اعتباطيا فحسب الدستور الموريتاني فإن الرئاسيات ستكون يوم 21 يونيو، أي 90 يوما كاملة تفصلنا عن هذه الانتخابات وقد أراد النظام أن يبدأ أنشطة الحملة بهذا الحدث.
4-   تم اختيار الشباب المشاركين لعناية فائقة جدا، غاب العاطلون عن العمل والفقراء والمهمشون، وان وجدوا فكانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة.
5-   كشف اللقاء عن ضعف كبير في مستوى الشباب العلمي والثقافي وخاصة المتدخلين في الليلة الأولى والذين كانوا الأوائل في ورشاتهم حسب مقدم البرنامج، أخطاء بالجملة وضعف في التعبير وركاكة في الأسلوب وعجز عن تهجئة الكلمات، ينطبق ذلك على أغلب المتحدثين بالفرنسية والعربية.
6-   طغت عقدة الفرنسية على أغلب الشباب وحتى أن أحدهم لم يستطع تهجئة كلمة بعد محاولتين فما كان منه إلا أن أبدل الراء غينا حتى يكون فرنسيا قحا.
7-   رغم كل ذلك كانت المداخلة مقبولة وأحيانا جيدة وتنزه العديد من المتدخلين عن التملق والتزلف للسلطة.
8-   أشيد بمداخلة الرائد الطبيب خالد ول بي الذي استثمر الفرصة ليحصل على وعد فوري بشراء أجهزة طبية مهمة لمستشفى القلب كما أنه كشف جانبا مهما من بيروقراطية الإدارة، أشيد أيضا بمداخلة الدكتورة عائشة بيها والتي عبرت عن أفكار اشتراكية بامتياز لا يسعني إلا أن أدعمها ومن أهمها علاج الفقراء مجانا على نفقة الدولة ورجال الأعمال، الأستاذ المعلوم أوبك من انواذيبو كان أيضا متميزا خاصة أنه فرض الكلام ودخل معه الرئيس في مشادة وجعلته يطرح عليه أحمق سؤال سمعته في حياتي: انت كم تخلص ؟؟؟؟
وطبعا فإن نجم اللقاء كان وبدون منازع الخبير المحاسبي الذي أربك حسابات الرئيس.
9-   يبدو أن الرئيس كان على علم ببعض الضيوف وكان ينتظر مداخلاتهم.
10-                   غابت البطالة عن مشاكل الشباب وتم لجم المتدخلين الذين حاولوا الحديث عنها، غابت أيضا مشاكل الجرنالية  وشركات المناولة و تازيازت وام سي ام التي وقع هذا النظام الحالي اتفاقيات معها تستفيد الدولة من عائداتها 4 % فقط !!!
11-                   بالرغم من أن بعض المشاركين في اللقاء يعتبرون من الحقوقيين والإعلاميين إلا أن أحدا لم يتذكر اسحاق ولد المختار او معتقلي اغوانتنامو او الدركي المختفي في ظروف غامضة.
12-                   أما نتائج التحقيق في حادث الطائرة التي راح ضحيتها بعض من خيرة شبابنا في القوات المسلحة فلم تحظ هي الأخرى بأي اهتمام، ولا الخطوات التي ستتبعها قوى القمع مستقبلا للحيلولة دون مواصلة قتل المتظاهرين الشباب من أمثال لامين مانكال وول المشظوفي وول المعلى ومؤخرا شهيد المصحف وقبل ذلك شباب آخرون قتلتهم قوى القمع الغادرة بدم بارد، لا أحد يهتم بهم.
13-                   لم يتم تذكير الرئيس بوعوده السابقة في تطبيق الشريعة بأصحاب محرقة الكتب الفقهية والمسيئين للعلماء وساب النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى قضية تمزيق المصحف لم يطالب أحد باعتقال الماعز الذي تتهمه الحكومة بالقيام بها.
14-                   لم يتم أيضا الحديث عن الثراء الفاحش والسريع الذي لا تخطئه العين في زمرة الرئيس ومقربين منه كانوا معدمين قبل خمس سنوات.
15-                   باختصار لم يتم الحديث عن القضايا ذات الأهمية الكبرى او تلك التي قد تحرج رأس النظام، ولعل الشباب اختاروا برور والدهم وعدم احراجه او تعكير صفوه.
16-                   المستوي العلمي الهزيل للرئيس لم يمكنه من فهم مقترحات كانت ممتازة، مثل مداخلة خبيرة التغذية وكذلك حجب المواقع الإباحية والذي لا يتطلب غير برنامج بسيط.
17-                   اختار الرئيس تمرير عدة رسائل وخاصة إلى التيار الإسلامي يهدده فيها بالمواجهة، وذلك من خلال تكراره لسمفونية ول محم.
18-                   استبدل الرئيس عمامة رئاسة العمل الإسلامي بجاكيت أكثر حداثة وتقدمية، فقد كرر مرات عدة أن الدين يجب فصله عن السياسة فلا السياسة ينبغي لها التدخل في الدين ولا الدين ينبغي له أن يتدخل في السياسية "كل في فلك يسبحون"، هذا الخطاب العلماني يأتي بعد أن وعد الرئيس مرات بتطبيق الشريعة وبعدم قبول علمانية الدولة.
19-                   ذكر أيضا بالتحول الحاصل في السياسة الخارجية ومشاركة النظام في التحالف ضد قطر، وذلك حين ألمح إلى فساد حكامها وامتلاكهم لباريس وهي عبارات اختارها بعناية لأنها نفس العبارات التي يصف بها الإعلام الفرنسي الدوري القطري في بلاده.
20-                   نكتة اللقاء كانت متمثلة في النظرية العالمية الجديدة المتمحورة حول اللامركزية، لكي تقوم باللامركزية يجب أن تقوم بالمركزية، رئيس رؤساء افريقيا يسير على خطى ملك ملوكها.
21-                   أكد الرئيس وجود "فظمة" في كل الطاقم الحكومي والإداري حين أعلن أنه لا يستطيع أي واحد منهم صرف 20 أوقية دون إذنه ولا يستطيع القيام بشيء دون أمره وهذا يعني أن أصحاب المعالي مجرد وكافه في المسار الحانوتي، ولعله بذلك أراد أن يبعد عن نفسه تهمة وكاف الحانوت.
22-                   دعم الرئيس لمبادرة الشاب الصغير التي قال أنه سيخصصها للتصفيق والرقص خلف عزيز وارتياحه لها يوحي بأن الأهمية الحقيقية للقاء هو المشاركة الفعالة في الحملة الرئاسية.

ليست هناك تعليقات: