علي شريعتي

إذا لم تكن شاهدا على عصرك، ولم تقف في ساحة الكفاح الدائر بين الحق والباطل، وإذا لم تتخذ موقفا صحيحا من ذلك الصراع الدائر في العالم، فكن ما تشاء : مصليا متعبدا في المحراب أم شاربا للخمر في الحانات... فكلا الأمرين يصبحان سواء. د.علي شريعتي

الخميس، 21 مارس 2013

ثكلت الأمة برحيل العلامة البوطي

عشية الحادي والعشرين من مارس وأثناء استعداده لتقديم درس الخميس في مسجد الإيمان بدمشق، توفي العلامة محمد سعيد رمضان البوطي بفعل تفجير آثم لم يهب منفذوه حرمة بيوت الله وقداستها.
ولد العلامة البوطي في جزيرة بوطان التابعة لتركيا عام 1929 الواقعة في تركيا شمال الحدود العراقية التركية، ثم هاجر مع والده ملا رمضان البوطي -من أصل كردي-  إلى دمشق في عام 1933، وكان عمره آن ذاك أربع سنوات،سار على خطى والده الذي كان عالما جليلا، فتلقى التعليم الديني والنظامي بمدارس دمشق ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف وتحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة.
اشتغل العلامة البوطي بتدريس العلم والدعوة الى الله والإرشاد الى الطريق القويم وابراز سماحة الإسلام وكان محبا لرسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم، فوقف منافحا عن العقيدة السنية الأشعرية في وجه المد السلفي الذي كان يجتاح المنطقة مستفيدا من الدعم اللا متناهي لإمارات البترودولار، كما أن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا لم تكن جيدة، وكان أبدًا من نابذي التوجهات السياسية والعنف المسلح، وقد سبّب ظهور كتابه "الجهاد في الإسلام" عام 1993م في إعادة الجدل القائم بينه وبين بعض التوجهات الإسلامية.
 ألف العلامة البوطي أكثر من ستين كتابا تتناول مختلف القضايا الإسلامية من العقيدة والفقه على المذاهب الأربعة والتاريخ والرقائق والتصوف والقرآن وعلومه والحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة.
حين اندلع الحراك الثوري في سوريا وقف العلامة البوطي في صف نظام الأسد وأعلن عدة مرات أن ما يحدث عبارة عن حرب تشنها اسرائيل على الاسلام وتستهدف القضاء على سوريا، ولعل استخبارات النظام كانت تتحكم في المعلومات التي تصل الى فضيلة العلامة وهو أمر سائد في السعودية والعديد من البلدان الإسلامية، بعيد وفاته سمعت العالم الجليل والمفكر الإسلامي الكبير رضوان السيد على قناة العربية وهو يتحدث بحسرة على رحيل العلامة وكيف أنه يجلس الآن أمام نيف وثلاثين من مؤلفاته، واعتبر رضوان أن عدم تأييد العلامة البوطي للحراك الثوري في سوريا ينبع من الرأي السائد في المذاهب السنية والذي لا يبيح الخروج على ولي الأمر.
لقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث "إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ....الحديث" ، وبرحيل العلامة البوطي اليوم تنطفئ جذوة من العلم ونفقد شيخا جليلا قضى أزيد من ثمانين سنة في خدمة الاسلام والحق، تغمده الله برحمته الواسعة وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
رحم الله كل الذين قتلوا في الفتنة الدائرة في سوريا والتي بدأت منذ أشهر السير على خطى استالين غراد، وهو شيئ مأساوي كان المفكر الرئيس المرزوقي يحذر منه دوما ولا يفتأ يكرر أن لا خير في عسكرة الثورة.

ليست هناك تعليقات: