علي شريعتي

إذا لم تكن شاهدا على عصرك، ولم تقف في ساحة الكفاح الدائر بين الحق والباطل، وإذا لم تتخذ موقفا صحيحا من ذلك الصراع الدائر في العالم، فكن ما تشاء : مصليا متعبدا في المحراب أم شاربا للخمر في الحانات... فكلا الأمرين يصبحان سواء. د.علي شريعتي

الخميس، 28 مارس 2013

شلة المنافيش


منذ عدة سنوات كان أحد الأصدقاء الظرفاء يجمع كل النفشات التي يتعرض لها الزملاء في كناش أطلق عليه الخبر اليقين في نوازل المنفوشين، بصفة دورية يتم تصنيف الزملاء ويمنح لقب المنفوش الكبير لمن استحق اللقب بجدارة، وهكذا دواليك...
من نفشات صديقنا المؤسس أنه ذات شتاء قارس وبينما كانت الثلوج تتهاطل بغزارة خرج من السكن ليجلب بعض الزاد وخاصة المشروبات الغازية، سار حوالي كلمترين وحين حصل على مبتغاه عاد أدراجه وفي الطريق منحدر جبلي طويل سيسلكه للعودة، فور صعوده على رأس الجبل انزلق صديقنا وسقط أرضا وظل يتدحرج في سقوط حر طيلة الطريق حتى وصل باب المسكن، ومن المزعج أن أطفال الحي كانوا يرمونه بالكرات الثلجية والمارة ينفجرون من الضحك، طبعا ضاع الزاد وعانى صديقنا من رضوض خفيفة، واستحق بذلك لقب المنفوش الكبير في تلك الفترة.
ولكي أكون أمينا فلابد من التطرق لنفشة صاحب هذه الحروف، كان ذلك في الصيف رفقة صديق لي في المنزل وقد لاحظ وجود وزغة (جمرة بالحسانية) على جدار المطبخ وأصابه الهلع، أوحيت له بأن يتركها لي حتى أقتلها بضربة واحدة لأن من فعل ذلك يجد خمسين حسنة ومن قتلها بضربتين يجد خمسة وعشرين حسنة وهكذا، حين أردت ضربها لاحظت وجود واحدة أخرى فغيرت وجهتي نحوها على أمل أن أعود إلى الأولى، فما إن دنوت من الثانية حتى وجدتها انصرفت، فرجعت إلى الوزغة الأولى لأجدها هي الأخرى اختفت، وفي الحقيقة تتكرر التجربة دائما معي حين أهم بقتل الوزغ، بذلك تم ادراجي في الكناش كالمنفوش الكبير في تلك الأيام.
أحد أصدقائنا أراد السفر ليلا خارج العاصمة، وكانت سيارته متوقفة منذ أيام ومتسخة جدا ولا يوجد مكان لتنظيف السيارات في مثل ذلك الوقت فقرر التكفل بالمهمة بنفسه، جمع كل اللوازم الضرورية وتوجه نحو السيارة وبدأ عملية تنظيف شاملة واشتكى كثيرا من اتساخها، حين أنهى المهمة أخذ حماما سريعا وأبدل ثيابه وحمل الحقيبة وتوجه نحو السيارة بعد أن استودعنا، ضغط على زر جهاز فتح السيارة اشتعلت أضواء سيارة أخرى وانفتح بابها، الأمر بسيط جدا السيارة التي بات صاحبنا ينظف هي سيارة رفيق آخر، وبذلك حمل صديقنا المشعل.
صديق آخر توجه الى السينغال المجاورة لقضاء شهر العسل، وفي أحد الأيام اصطحب معه كاميرا باهظة الثمن وتعاقد مع أحد المارة ليتكفل بمهمة التصوير، وبعد مضي يوم زاروا خلاله أماكن عدة انتهت المهمة وقرروا الرجوع، همِ باستعادة الكاميرا من المصور لكن الأخير أجابه ب : انصرف (دميل)، غادر المصور بالكاميرا ورجع الزوجين بخفي حنين.
وفي السينغال دائما، لدينا صديق لايفتأ يفقد لقبه كالمنفوش الكبير حتى يستعيده، بكل بساطة هو من أصحاب الذوق الرفيع في التلفونات، وحين يقبض راتبه أول ما يفكر فيه اقتناء جهاز باهظ الثمن وعند أول خروج له من باب المنزل يأتيه صبي يتعهده دائما ويطلب منه تسليمه الهاتف قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه، وهكذا يعود صاحبنا يندب حظه رغم بنيته الجسدية القوية فتبارك الله، لكنه المنفوش الأكبر، ذات يوم كان يخطط لسفر فتدبر مبلغا ماليا لشراء الوقود وركن سيارته في المحطة عند الجانب المخصص للبنزين وطلب من العامل ملأها، طبعا سيارة صاحبنا تعمل بالديزل (قزوال) وقد ملئت بالبنزين (((((((إصانص) وربتت في مكانها حتى تم استجلاب ميكانيكي وأفرغ الخزان من البنزين وبات صاحبنا يندب حظه.
أحد الأصدقاء من المغردين الظرفاء، طٌلب منه أن يقوم بتغطية إعلامية لجولة سياسية سيقوم بها بعض الأحزاب، جمع كل عدته وغادر انواكشوط مع الوفد نحو الشرق الموريتاني، بعد ساعات من التغريد اكتشف صاحبنا أنه لم يصطحب معه شاحن الهاتف، استمرت الجولة أياما بقي رفيقنا خلالها يندب حظه هو الآخر على نفشته الكبرى هذه.
توسع الكناش ليدخل الساسة وقادة الدول وغيرهم وأصبحوا يتداولون لقب المنفوش الكبير بعيدا عن شلتي العزيزة، منذ أسابيع تفجرت فضيحة في الجيش الوطني دخل المسؤولون عنها الكناش من الباب الواسع، بضع مئات من ملايين الأوقية منحت لأحد التجار ليستخدمها في مجال السمسرة لجني بعض الأرباح السريعة وتوزيعها على المستفيدين، ظل العسكريون المسؤولون عن مالية الجيش في انتظار الأرباح ليكتشفوا بعد ذلك بأسابيع أن الأموال تبخرت في شبكات شبيكو، وباتوا يضربون أخماسا بأسداس، نفشة كبرى.
قلبت الديوان رأسا على عقب فلم أجد ما هو أشد من نفشة القيادة الوطنية التي تتداولها وسائل الإعلام هذه الأيام، جنرال وصانع رؤساء يقع فريسة لبعض شبكات النصب والإحتيال الإفريقية بطريقة ساذجة !!! إنه العجب العجاب.
لا شك أن أغلبكم قد وصله يوما رسالة على الإميل من قبل من يدعون أنهم ورثة موبوتو أو غباغبو او الرئيس النيجري أباشا او بن علي او القذافي....واللائحة طويلة، هذه الشبكات تدعي عادة أن لديها أموالا أو كنوزا بقيمة مليارات الدولار يريدون استثمارها في بلد الضحية ومقابل ذلك عليه أن يدفع مبلغا مسبقا كبادرة حسن نية، صدق جنرالنا القضية وانطلت عليه الحيلة –حسب ما افادت به تقدمي داعمة تقريرها  بتسجيلات صوتية- وعين وزيرة كلفت بالملف وألغيت وزارتها بعد انتهاء العملية، وفي آخر المطاف سلب من جنرالنا الساعي نحو الثراء السريع ما يناهز نصف مليون دولار وحجز بعد ذلك مكانا محترما في كناشنا كأكبر المنافيش الذين اطلعنا على أخبارهم في ديوان الخبر اليقين في نوازل المنفوشين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

الجمعة، 22 مارس 2013

رئيس الفقراء صونوغو


في مثل هذا اليوم من العام الماضي تحركت بضع سيارات تويوتا تحمل على متنها جنودا يقودهم النقيب آمادو هايا صونوغو قائد معسكر كاتي الواقع في ضاحية العاصمة المالية باماكو، فور دخولهم المدينة قاموا بمحاصرة القصر الرئاسي والسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسميتين، بكل بساطة تم القيام بأحد الإنقلابات الأكثر حماقة في التاريخ ضد رئيس منتخب ديمقراطيا يستعد لحزم حقائبه خلال شهر هو كل ما تبقى من مأموريته الرئاسية الأخيرة.
 توقف التلفزيون الرسمي عن البث واكتفى بعبارة مكتوبة على الشاشة تفيد بانتظار بيان من العسكريين قريبا، كانت اللغة الفرنسية الركيكة التي استخدمت كفيلة بإعطاء فكرة عن المستوى الثقافي للإنقلابيين، بعد ساعات من الترقب خرجت الطغمة العسكرية الجديدة للعلن وأذاع ملازم أول البيان رقم واحد بوصفه الناطق باسم المجلس والضابط الثاني في الهرم القيادي ...
أين الجنرالات الذين يتكاثرون كالفطر في الجيش المالي ؟ ماذا حدث للقوات الخاصة التابعة للرئيس ؟ أين الضباط السامون ؟ كيف يقوم نقيب وملازم أول مع مجموعة من الجنود بالزحف عشرين كلمترا في وضح النهار ويقلبون الحكم دون مواجهة أدنى مقاومة ؟
الحقيقة أن برقيات السفارة الأمريكية التي نشرتها ويكيلكس قبل سنوات كشفت عن قلق الولايات المتحدة من استفحال الفساد في القطاعات العسكرية وإتساع الهوة الكبيرة بين الضباط السامين وصغار الرتب من ضباط وجنود، النتيجة الحتمية لذلك كانت ضعف القدرة القتالية للجيش وانهيار الروح المعنوية لدى الجنود وهو ما أدى لاحقا إلى تداعي صفوفهم عند أول ضربة تلقوها من مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، سقطت المدن الواحدة تلو الأخرى وفر الجنود من جبهات القتال مخلفين ورائهم الكثير من السلاح والعتاد.
طيلة فترة حكمه دأب الرئيس توماني تورى على استرضاء قادة الجيش بترقية العديد منهم إلى رتبة جنرال حتى باتت القوات المسلحة المالية تحوز على أحد أعلى معدلات الجنرالات على حساب الجنود وهو ما يتهكم عليه الماليون أن لديهم خمسين ألف جنرال لكل جندي، كما غض الطرف عن تلاعب الجنرالات الجدد الساعين إلى تعويض ما فاتهم من الغنيمة متخذين من رفاقهم الجنرالات القدماء مثالا يحتذى به في هذا الميدان وبذلك استطاعوا احداث نقلة نوعية في مستواهم الإقتصادي وباتوا من أثرياء البلاد الكبار، كل ذلك على حساب الجنود والضباط الحقيقيين الذين تلقى على كاهلهم مهمة حماية البلاد ومواجهة العدو في ميادين القتال.
استعان صونوغو بمالي الأعماق وبالمجتمع المدني وشكل تحالفا داعما له، كما قدم نفسه على أنه هبة من الله لفقراء مالي جاء ليخرجهم من بؤسهم وأعلن أنه سيقوم بتجديد الطبقة السياسية وحتى رجال الأعمال والفقراء سيتم تجديدهم، في الأيام الأولى أطلق العنان لجنوده يصولون ويجولون في المدينة، نهبوا في يوم واحد أغلب السيارات رباعية الدفع التي تتجول في باماكو وكانت غالبيتها دبلوماسية، لم تسلم المصارف ولا الشركات من  تعليمات رئيس الفقراء.
وقفت الطبقة السياسية في مالي موقفا مشرفا سيذكره لهم التاريخ فرفضوا التعامل مع رئيس الفقراء الشيئ الذي شكل له صدمة كبرى وهو ما جعل الإتحاد الإفريقي يكون صارما في دعوته إلى ضرورة إعادة البلاد  للشرعية الدستورية، بعد شهر من المفاوضات تنحى صونوغو عن السلطة وسلمها لرئيس مجلس الشيوخ وتم تشكيل الحكومة الجديدة مع احتفاظ صونوغو برئاسة لجنة اصلاح المؤسسة العسكرية.
في منتصف مايو أرسل صونوغو لفيفا من المواطنين إلى القصر الرئاسي لتأديب الرئيس الذي لا يريد الإنصياغ لأوامره، سمح لهم الحرس الرئاسي بالدخول بل وأظهر تسجيل الفيديو الذي نشرته مجلة جون أفريك لاحقا أن ضباط الحرس يشجعون المواطنين ويدلونهم على مخبأ الرئيس الذي لجأ إليه، تم ضربه بدون شفقة ضربا مبرحا حتى أغمي عليه ونقل الى فرنسا لعلاج استمر أشهرا عديدة.
في ديسمبر الماضي انتقد رئيس الحكومة صونوغو علنا قبيل سفره الى خارج البلاد فأرسل له صونوغو وحدة من قواته جلبته له من المطار مع حقائبه في الساعات الأولى من الصباح وتم "تأديبه" قليلا قبل أن يخيره صونوغو بين أسرته أو رئاسة الحكومة فقدم الرجل استقالته على أثير الإذاعة والتلفزيون.
قبيل التدخل العسكري الفرنسي أرسل صونوغو متظاهرين الى القصر الرئاسي للمطالبة بتنحي الرئيس وحين بلغه الأمر قرر فرانسوا أولاند إرسال قواته إلى مالي وحماية الرئيس من ابتزاز النقيب صونوغو.
في حديث له استغرب النقيب صونوغو بشدة تعامل الاتحاد الافريقي والقوى الكبرى معه، لقد استنكر ما وصفه إزدواجية المعايير حيث تم السماح لرفاقه الإنقلابيين في النيجر وغينيا بالحكم خلال المرحلة الانتقالية، أما رفيقه في السلاح الجنرال عزيز تم تبييض انقلابه في موريتانيا وسمح له بإدارة المرحلة الانتقالية والترشح للإنتخابات والنجاح فيها لاحقا، بينما يستنكرون عليه هو مجرد التدخل في شؤون السلطة الحاكمة.
يدفع الشعب المالي ثمن تهور قادة السياسيين وجشع جنرالاته باهظا فالدولة قد إنهارت وتشهد حربا في شمالها تنذر بالكثير من الخطر وحتى القوات الأجنبية قد لا تستطيع البقاء في الصحراء الكبرى حين يحل فصل الصيف كما أن التنظيمات الإرهابية لم تبدأ بعد مرحلة حرب العمليات الانتحارية والتفجيرات المفخخة في العاصمة، وحتى هذه اللحظة لم يتمكن الحلفاء من تأسيس جيش مالي جديد بعد انفراط عقد المؤسسة التقليدية وتحولها إلى كتائب تأتمر بأوامر بعض الجنرالات الذين يستغلونها لمآربهم الخاصة، إنها حقيقة تاريخة فكلما ازداد عدد الجنرالات في جيش كان ذلك سبب خرابه.

الخميس، 21 مارس 2013

ثكلت الأمة برحيل العلامة البوطي

عشية الحادي والعشرين من مارس وأثناء استعداده لتقديم درس الخميس في مسجد الإيمان بدمشق، توفي العلامة محمد سعيد رمضان البوطي بفعل تفجير آثم لم يهب منفذوه حرمة بيوت الله وقداستها.
ولد العلامة البوطي في جزيرة بوطان التابعة لتركيا عام 1929 الواقعة في تركيا شمال الحدود العراقية التركية، ثم هاجر مع والده ملا رمضان البوطي -من أصل كردي-  إلى دمشق في عام 1933، وكان عمره آن ذاك أربع سنوات،سار على خطى والده الذي كان عالما جليلا، فتلقى التعليم الديني والنظامي بمدارس دمشق ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف وتحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة.
اشتغل العلامة البوطي بتدريس العلم والدعوة الى الله والإرشاد الى الطريق القويم وابراز سماحة الإسلام وكان محبا لرسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم، فوقف منافحا عن العقيدة السنية الأشعرية في وجه المد السلفي الذي كان يجتاح المنطقة مستفيدا من الدعم اللا متناهي لإمارات البترودولار، كما أن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا لم تكن جيدة، وكان أبدًا من نابذي التوجهات السياسية والعنف المسلح، وقد سبّب ظهور كتابه "الجهاد في الإسلام" عام 1993م في إعادة الجدل القائم بينه وبين بعض التوجهات الإسلامية.
 ألف العلامة البوطي أكثر من ستين كتابا تتناول مختلف القضايا الإسلامية من العقيدة والفقه على المذاهب الأربعة والتاريخ والرقائق والتصوف والقرآن وعلومه والحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة.
حين اندلع الحراك الثوري في سوريا وقف العلامة البوطي في صف نظام الأسد وأعلن عدة مرات أن ما يحدث عبارة عن حرب تشنها اسرائيل على الاسلام وتستهدف القضاء على سوريا، ولعل استخبارات النظام كانت تتحكم في المعلومات التي تصل الى فضيلة العلامة وهو أمر سائد في السعودية والعديد من البلدان الإسلامية، بعيد وفاته سمعت العالم الجليل والمفكر الإسلامي الكبير رضوان السيد على قناة العربية وهو يتحدث بحسرة على رحيل العلامة وكيف أنه يجلس الآن أمام نيف وثلاثين من مؤلفاته، واعتبر رضوان أن عدم تأييد العلامة البوطي للحراك الثوري في سوريا ينبع من الرأي السائد في المذاهب السنية والذي لا يبيح الخروج على ولي الأمر.
لقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث "إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ....الحديث" ، وبرحيل العلامة البوطي اليوم تنطفئ جذوة من العلم ونفقد شيخا جليلا قضى أزيد من ثمانين سنة في خدمة الاسلام والحق، تغمده الله برحمته الواسعة وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
رحم الله كل الذين قتلوا في الفتنة الدائرة في سوريا والتي بدأت منذ أشهر السير على خطى استالين غراد، وهو شيئ مأساوي كان المفكر الرئيس المرزوقي يحذر منه دوما ولا يفتأ يكرر أن لا خير في عسكرة الثورة.

الأربعاء، 20 مارس 2013

محاربة الفساد بين ضفتين ...

في السينغال قرر الرئيس مكي صال شن حرب لا هوادة فيها على الفساد، فأسس محكمة خاصة بالنظر في تهم التربح غير المشروع وعهد إليها بالملف، بعد أشهر من التحقيقات بدأت المحكمة تسائل المسؤولين السابقين عن مصدر ثرواتهم التي جنوها خىلال عملهم في الوظيفة العمومية، تمت ملاحقة الوزراء والقادة السياسيين في زمن واد وكانت المحكمة تسدعيهم الواحد تلو الآخر وتسألهم من أين لكم هذا ؟ وحتى الإبن المدلل كريم واد تسلم منذ أيام اشعارا تمهله فيه المحكمة شهرا لتبرير طريقة جنيه لمليار اورو هي حجم ثروته....
على الضفة المقابلة قرر محمد عبد العزيز شن حرب لا هوادة فيها على الفساد والمفسدين في بلاده، بدأ بملفين سرعان ما تخلى عنهما لأن المتهمين فيهما تم تعميدهما بعد دخولهما الأغلبية الداعمة له، فتح بعد ذلك ملفين آخرين تمت تبرئة أصحابها بعد ثبات تهافت التهم، تمت متابعة اربعة آخرين حلت قضاياهم بالتراضي....
لم يتورع الرئيس عزيز عن تعيين مفسدين كبار في وظائف سامية في الدولة بعضها يشترط القانون في المترشحين له حسن السيرة والنزاهة....
أما حرب النظام على المخدرات فقد افضت هي الأخرى إلى العفو عن الغالبية العظمى من المدانين بتهمة حيازتها والاتجار بها.

الثلاثاء، 19 مارس 2013

معالجة تجريبية لمرض البُهاق تظهِر نتائج واعدة

صحراء ميديا
تُشيرُ دراسةٌ حديثةٌ على الفئران إلى أنَّ بروتيناً جرى تعديلهُ وراثياً أثبت نجاحَه في تقديم أوَّل مُعالجةٍ فعَّالة لمرض البُهاق الذي يُصيب الجلد.
يتميَّز مرضُ البُهاق – البياض حسب بعض التسميات- بظهور بُقع بيضاء على الوجه واليدين وأجزاء أخرى من جسم المريض؛ وهو اضطرابٌ من اضطرابات المناعة الذاتيَّة يُصبِحُ فيه الجهازُ المناعي مُفرطَ النشاط، ويقضي على الخلايا الصِّباغية التي تُعطي الجلدَ لونَه.
طوَّر باحِثون لدى كلِّية ستريتش للطبِّ في جامعة لويولا شيكاغو بروتيناً جرى تعديلُه وراثياً، واستطاع عَكسَ البُهاق عند الفئران، وكانت له نتائجُ مُشابِهةٌ على عيِّناتٍ من أنسجة جلد الإنسان, مع العلم أنَّ نتائجَ الأبحاث على الحيوانات لا تُعطي دائماً نتائجَ تنطبق على الإنسان.
يُمارس بروتينٌ يُسمَّى HSP70i دوراً رئيسياً في الاستجابة المناعيَّة الذاتيَّة التي تُسبِّب البُهاق. عدَّل الباحِثون بطريقةٍ وراثية حمضاً أمينيَّاً في البروتين من أجل إحداث نسخة مُتحوِّلة أو طافرة من البروتين؛ حيث تحلُّ هذه النسخةُ محلَّ البروتين HSP70i الطبيعي، وتعكس الاستجابةَ المناعيَّة الذاتيَّة التي تُسبِّب البُهاق، وفقاً لما قاله مُعدُّو الدراسة.
عندما قُدِّم البروتين HSP70i الطافر إلى فئرانٍ مُصابة بالبُهاق, تحوَّل فراؤها الرَّماديُّ إلى اللون الأسود، وعاد إليها مظهرها الطبيعيُّ. كما كان لهذا البروتين نتائج مُشابِهة على عيِّناتٍ من جلد الإنسان، مثلما بيَّنت الدراسة.
يسعى الباحِثون في معهد علم الأورام التابع لجامعة لويولا نحوَ إلى الحصول على الموافقة والتمويل لإجراء تجارب سريريَّة للبروتين المُعدَّل على الإنسان.
ينتشر البُهاقُ عبر العالم بمُعدَّل إصابة واحدة لكلِّ 200 شخص. لا تُوجد مُعالجات فعَّالة على المدى الطويل لهذا المرض؛ وتتضمَّن الخياراتُ الحاليَّة استخدامَ كريمات الستيرويد والعلاج بالضوء والطُعوم الجلديَّة, لكن لا يستطيع أيٌّ من تلك المعالجات منعَ البُهاق من الاستمرار في القضاء على الخلايا الصباغية.